يحتمل أن يكون النبي ، صلىاللهعليهوآله ، في ذلك الوقت محاذياً لموضع يكون في الأرض وقت الزوال ، لكنه بعيد ، إذ الظاهر من الخبر أنها أوقعت في موضع كان محاذياً لمكّة ، ولمّا كان الظاهر من الأخبار تعدّد المعراج ، فيمكن حمل هذا الخبر على معراج وقع في اليوم ، وبهذا الوجه يمكن التوفيق بين أكثر الأخبار المختلفة الواردة في كيفية المعراج ، ثم إنه يظهر من هذا الخبر أن الصلاة [ لما كانت ] معراج المؤمن ، فكما (١) أن النبي ، صلىاللهعليهوآله ، لمّا نفض عن ذيله الأطهر علائق الدنيا ، وتوجه إلى عرش القرب والوصال ومكالمة الكبير المتعال ، وكلّما خرق حجاباً من الحجب الجسمانيّة كبّر الربّ تعالى ، وكشف بسببه حجاباً من الحجب العقلائية حتى وصل إلى العرش (٢) العظمة والجلال ، ودخل مجلس الأنس والوصال ، فبعد رفع الحجب المعنوية بينه وبين مولاه كلمه وناجاه ، فاستحقّ لأن يتجلّى له نور من أنوار الجبروت ، فركع وخضع لذلك النور ، فاستحقّ أن يتجلى عليه نور أعلى منه ، فرفع رأسه وشاهده وخر ساجداً لعظمته ، ثم بعد طيِّ تلك المقامات ، والوصول إلى درجة الشهود والاتصال بالربّ الودود ، رفع له الأستار من البين ، وقربه إلى مقام قاب قوسين ، فأكرمه بان يقرن اسمه باسمه في الشهادتين ، ثم حباه بالصلاة عليه ، وعلى أهل بيته المصطفين ، فلمّا لم يكن بعد الوصول إلا السلام ، أكرمه بهذا الإنعام ، وأمره أن يسلّم على مقرّبي جنابه ، الذين فازوا قبله بمثل هذا المقام تشريفاً لهم بإنعامه ، وتأليفاً بين مقرّبي جنابه ، أو أنّه لمّا أذنه بالرجوع عن مقام « لي مع الله » (٣) الذي لا يرحمه فيه سواه ، ولم يكن يخطر بباله غير مولاه ، التفت إليهم فسلَّم عليهم ، كما يؤمي إليه هذا الخبر. فكذا ينبغي للمؤمن إذا أراد التوجه إلى جنابه تعالى بعد تشبثه بالعلائق الدنيّة ، وتوغّله في العوائق الدنيوية ، أن يدفع [ عنه ] عند الأنجاس الظاهرة والباطنة ، ويتجلى بما يستر
__________________
١ ـ يحتمل أن يكون « فكما » جواب « لما » أي أن الصلاة معراج المؤمن ، كما أن النبي صلىاللهعليهوآله أزال العلائق الدنيوية كلها عن نفسه. أو يكون الجواب « توجه إلى عرش القرب ... » والواو زائدة.
٢ ـ كذا. والصحيح « عرش العظمة ».
٣ ـ حديث مشهور لم أجد له مصدراً في مجامع الحديث.