١ ـ ( ... فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون ) (١). وصدر الآية نفي الحرج عن الأعمى ، والأعرج ، والمريض (٢) ، وأرباب البيوت ، من دخولها والأكل منها ، وبيوت الآباء ، والأمهات ، والإخوة ، والأخوات ، والأعمام ، والعمات ، والأخوال ، والخالات ، ومالكي المفاتيح ، والأصدقاء ، أن يأكلوا جميعاً أو أشتاتاً ثم قال عزّ وجلّ : ( فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا ... ).
ويريد تعالى من ( بيوتاً ) البيوت المذكورة في الآية بيوت الأهل ، والأرحام ، فعلى الداخل لكلٍ منهما السلام : تحية الله المباركة الطيبة سلام الاستئذان قبل الأكل منها ، سواء أكان أحد فيها أم لا ؛ فإن ملائكة الله في كل مكان موجودون ، وعلى الأقل الملكان الموكلان الكاتبان لأعمال الإنسان ، وقد سبق ذكر آي للملائكة الموكلة عليه منها : ( وإن عليكم لحافظين * كراماً كاتبين ) (٣).
التفسير :
١ ـ روى الشيخ الصدوق بإسناده إلى أبي الصباح قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزّ وجلّ : ( فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على
____________
١ ـ النور : ٦١.
٢ ـ كان أهل المدينة يتحرجون من أكل الطعام مع الأعمى والأعرج والمريض من ذوي قرباهم ، وجاء الإسلام يدفع عللهم للتحرج مع هؤلاء ... الدر المنثور ٥ | ٥٨.
٣ ـ الانفطار : ١٠ ـ ١١. والكاتبان أحدهما الملك المسمى بـ « الرقيب » ، والثاني « العتيد ».
قال ابن أبي الحديد المعتزلي : ( قيل : إن عمر كان يعسّ بالليل ، فسمع صوت رجل وامرأة في بيت ، فارتاب فتسور الحائط ، فوجد امرأة ورجلاً ، وعندهما زقّ خمر ، فقال : يا عدوّ الله ، أكنت ترى أن الله يسترك وأنت على معصيته! قال : يا أمير المؤمنين ، إن كنت أخطأت في واحدة فقد أخطأت في ثلاث ، قال الله تعالى : ( ولا تجسسوا ) [ سورة الحجرات : ١٢ ] ، وقد تجسست. وقال : ( واتوا البيوت من أبوابها ) [ سورة البقرة : ١٨٩ ] ، وقد تسورت. وقال : ( وإذا دخلتم بيوتاً فسلموا ) [ سورة النور : ٦١ ] ، وما سلَّمت ).
شرح النهج ١ | ١٨٢.
ومن استدلال الرجل بالآية الأخيرة في النفس شيء ، والمناسبة آية ( غير بيوتكم ) [ النور : ٢٧ ].