ليس لنا شيء ، وطلبوا الأجل إلى وقت ثمارهم ، فنزلت هذه الآية : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ).
ودل قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) مع قوله : (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) على ثبوت حق المطالبة لصاحب الدين (الدائن) على المدين ، وجواز أخذ ماله بغير رضاه ، ودل أيضا على أن الغريم متى امتنع من أداء الدين مع الإمكان ، كان ظالما ، فإن الله تعالى يقول : (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) فجعل له المطالبة برأس ماله ، فإذا كان له حق المطالبة ، فعلى من عليه الدين (المدين) لا محالة وجوب قضائه.
ومن كثرت ديونه وطلب غرماؤه مالهم ، فللحاكم أن يخلعه عن كل ماله ويترك له ما كان من ضرورته ، والمشهور عن مالك أنه يترك له كسوته المعتادة ، ما لم يكن فيها فضل ، ولا ينزع منه رداؤه إن كان ذلك مزريا به. وفي ترك كسوة زوجته وفي بيع كتبه إن كان عالما خلاف. ولا يترك له مسكن ولا خادم ، ولا ثوب جمعة ما لم تقلّ قيمتها ، والأصل في هذا قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ).
ويحبس المفلس في قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم حتى يتبين عدمه. ولا يحبس عند مالك إن لم يتّهم أنه غيّب ماله ، ولم يتبين لدده أي خصومته ومماطلته. وكذلك لا يحبس إن ثبت عسره ، للآية المتقدمة : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ ..).
وقوله : (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ) يدل على أن الله تعالى ندب بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعسر ، وجعل ذلك خيرا من إنظاره. وقد أوردت سابقا الأحاديث الكثيرة الدالة على فضل إنظار المعسر وإبرائه من الدين ، ومدى الثواب العظيم في ذلك عند الله تعالى.