(آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ، وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [غافر ٤٠ / ٧ ـ ٩].
والحساب من الله لعباده : أن يطلعهم على جميع أعمالهم ، ثم يسألهم : لم فعلوها؟.
فقه الحياة أو الأحكام :
تتضمن الآية إنذارا وتخويفا شديدا من الحساب الإلهي ، لكون الإنسان مملوكا لله ، والله مطلع على كل أفعاله ، محاسب له على جليل الأعمال وحقيرها ، مما أدى إلى إيقاع الرهبة في النفوس والإشفاق عليها من شدة العذاب ، وتفويض أمره مطلقا إلى الله وحده ؛ أخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة قال : لما نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ، وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ ، يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم جثوا على الرّكب ، فقالوا : أي رسول الله ، كلّفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ، وقد أنزل الله هذه الآية ولا نطيقها ، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلكم : سمعنا وعصينا؟ بل قولوا : سمعنا وأطعنا ، غفرانك ربنا ، وإليك المصير؟». فلما قرأها القوم وذلّت (لانت) بها ألسنتهم ، أنزل الله في إثرها : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ..) الآية. فلما فعلوا ذلك نسخها الله ، فأنزل الله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) الآية.
وظاهر قوله : «نسخها الله» يدل على نسخ هذه الآية بالآية التي بعدها وهي : (لا يُكَلِّفُ اللهُ ..) وقد فهم بعض المفسرين (١) من ذلك أن هذه الآية
__________________
(١) وهم الإمام علي وابن عمر وابن مسعود وكعب الأحبار والشعبي والنخعي ومحمد بن كعب القرظي وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة وآخرون من الصحابة والتابعين.