(غُفْرانَكَ) منصوب على المصدر بفعل مقدر تقديره : اغفر لنا غفرانك ، أو نسألك غفرانك ، وحذف للعلم به لوجود الدلالة عليه.
البلاغة :
يوجد طباق بين (كَسَبَتْ) في الخير و (اكْتَسَبَتْ) في الشر. ويوجد جناس اشتقاق بين (آمَنَ .. وَالْمُؤْمِنُونَ) وهناك إطناب في قوله : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ). وإيجاز بالحذف في قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ) أي آمنوا بالله ورسله.
المفردات اللغوية :
(آمَنَ الرَّسُولُ) صدّق النبي محمد صلىاللهعليهوسلم (بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) من القرآن (وَرُسُلِهِ) يقولون (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) أي في الرسالة والتشريع ، فلا نفضل بعضهم على بعض في ذلك ، فنؤمن ببعض ونكفر ببعض (سَمِعْنا) ما أمرنا به سماع قبول وتدبر (الْمَصِيرُ) المرجع بالبعث.
(وُسْعَها) طاقتها : وهو ما تسعة قدرة الإنسان من غير حرج ولا عسر.
(كَسَبَتْ) من الخير وثوابه (مَا اكْتَسَبَتْ) من الشر أي وزره ، فلا يؤخذ أحد بذنب أحد ، ولا بما لا يكسبه مما وسوست به نفسه (لا تُؤاخِذْنا) تعاقبنا (أَوْ أَخْطَأْنا) تركنا الصواب لا عن عمد ، كما آخذت به من قبلنا (إِصْراً) أمرا أو حملا يثقل علينا حمله أو يشق تحمله (كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) أي بني إسرائيل ، من قتل النفس في التوبة ، وإخراج ربع المال في الزكاة ، وقرض موضع النجاسة. (ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) أي ما لا قدرة لنا عليه من التكاليف والبلاء ، فالتكليف بما يطاق : هو ما يمكن الإتيان به ولو بمشقة معتادة متحملة ، والتكليف بما لا يطاق : هو ما لا يدخل في مكنة الإنسان وقدرته ، بأن اقترن بمشقة زائدة غير معتادة. (وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا) الرحمة أمر زائد على المغفرة (مَوْلانا) مالكنا وسيدنا ومتولي أمورنا.
جاء في الحديث الذي يرويه مسلم عن ابن عباس : لما نزلت هذه الآية ، فقرأها صلىاللهعليهوسلم ، قال الله عقب كل كلمة : قد فعلت.
سبب النزول :
سبق بيان سبب نزول هذه الآية فيما رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة في بحث «فقه الحياة» في الآية السابقة. وروى مسلم وغيره عن ابن عباس نحوه.