وقالوا على الله الكذب والبهتان ، فقال لهم النبي صلىاللهعليهوسلم : ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟ قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت ، وأن عيسى أتى عليه الفناء؟ قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أن ربنا حي قيّم على كل شيء يحفظه ويرزقه؟ قالوا : بلى. قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟ قالوا : لا. قال : فإن ربنا صوّر في الرّحم كيف شاء ، وربنا لا يأكل ولا يشرب ولا يحدث؟ قالوا : بلى. قال : ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ، ثم وضعته ، كما تضع المرأة ولدها ، ثم غذّي كما يغذّى الصبي ، ثم كان يطعم ويشرب ويحدث؟ قالوا : بلى. قال : فكيف يكون هذا كما زعمتم؟ فسكتوا ، فأنزل الله عزوجل فيهم صدر سورة آل عمران ، إلى بضعة وثمانين آية منها.
التفسير والبيان :
بدأ الله تعالى السورة بإثبات التوحيد أساس الدين لينفي عقيدة التثليث ، ثم أبان أنه تعالى أنزل الكتب على الأنبياء ، وأن عيسى نبي مثلهم فهو منزل عليه ، وأن الله هو صاحب القدرة المطلقة الذي يصور في الأرحام ، ليرد على ولادة عيسى من غير أب ، إذ الولادة من غير أب ليست دليلا على الألوهية ، فآدم مخلوق من غير أب ولا أم ، والخالق هو الإله ، والمخلوق عبد كيفما خلق.
ألم : الحروف المقطعة لتحدي العرب بالإتيان بشيء من مثل القرآن ، ما دام هو مكوّنا من لغتهم ومن الحروف التي ينطقون بها وتتركب منها كلماتهم.
الله لا معبود بحق في الوجود سواه ؛ لأنه الخالق المسيطر على الكون والنفوس ، ولأنه مصدر الخير ودافع الضر ، الحي الدائم الحياة التي لا أول ولا نهاية لها ، القائم على خلقه بالتدبير والتصريف ، وعلى السموات والأرض قبل خلق عيسى ، فكيف قامت ودبّرت قبل وجوده وبعد موته؟!