كل صلاة ، كان الذي يتولى قبض روحه ذو الجلال والإكرام ، وكان كمن قاتل مع أنبياء الله حتى يستشهد» ومنها : «من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي ، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت» (١). وعن علي رضياللهعنه قال : «سمعت نبيكم صلىاللهعليهوسلم يقول ، وهو على أعواد المنبر : «من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة ، لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ، ولا يواظب عليها إلا صدّيق أو عابد ، ومن قرأها إذا أخذ مضجعه ، آمنه الله على نفسه وجاره وجار جاره ، والأبيات حوله».
وقال ابن كثير : هذه الآية مشتملة على عشر جمل مستقلة ، متعلقة بالذات الإلهية ، وفيها تمجيد الواحد الأحد (٢).
المناسبة :
ذكر تعالى في الآيات السابقة أن العمل الصالح الفردي هو أساس النجاة ، فلا ينفع المال والشفاعة والصداقة والمودة ، وأن الرسل صلوات الله عليهم ـ وإن تفاوتوا في الفضل ـ إلا أن دعوتهم واحدة ورسالتهم واحدة ودينهم واحد قائم على دعوة التوحيد وصون الفضائل والأخلاق وعبودية الله تعالى ، ثم جاءت آية الكرسي لتقرر أصل التوحيد وأساس العبادة ، ولتحصر الاتجاه بأي عمل نحو الله تعالى ، وليستشعر العبد عظمة الله وسلطانه ، ويطيع أوامره ، ويذعن لأحكامه.
التفسير والبيان :
الله هو المتفرد بالألوهية لجميع الخلائق ، فلا معبود بحق في الوجود إلا هو ، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد ، الواجب الوجود ، ذو الملك والملكوت ، الحي الباقي الدائم الذي لا يموت ، القائم بذاته على تدبير خلقه ، كقوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) [الروم ٣٠ / ٢٥] ، الذي لا يشبه أحد من خلقه في الذات ولا في الصفات ، ولا في الأفعال ، كما قال : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى ٤٢ / ١١].
__________________
(١) رواه النسائي وابن حبان في صحيحة عن أبي أمامة.
(٢) تفسير ابن كثير : ١ / ٣٠٨