وضرب على ذلك المثل بغزوة بدر حيث التقى جند الإيمان والرحمن بجند الكفر والشيطان ، فانتصرت الفئة المؤمنة القليلة على الفئة الكثيرة ، فلم تنفعهم كثرة الأموال والأولاد والسلاح.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن الكفار بأنهم وقود النار يوم القيامة ، وليس ما أوتوه في الدنيا من الأموال والأولاد بنافع لهم عند الله ، ولا بمنجيهم من عذابه وأليم عقابه ، كما قال تعالى : (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ ، إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا ، وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ ، وَهُمْ كافِرُونَ) [التوبة ٩ / ٨٥]. وقد كانوا يقولون : نحن أكثر أموالا وأولادا ، وما نحن بمعذبين ، فرد الله عليهم بقوله: (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) [سبأ ٣٤ / ٣٧].
ومعنى قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي كذبوا بآياته ورسله وخالفوا كتابه ولم ينتفعوا بوحيه إلى أنبيائه ، وذلك يشمل وفد نجران والنصارى واليهود والمشركين ، وكل كافر.
فهؤلاء كلهم لن تنجيهم أموالهم ولا أولادهم ، وأولئك المبعدون هم وقود النار وأهلها ، وحطبها الذي تسجر به وتوقد به ، كقوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ، أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) [الأنبياء ٢١ / ٩٨].
وصنيعهم وحالهم في تكذيب محمد صلىاللهعليهوسلم وشريعته كحال آل فرعون ومن قبلهم من المؤتفكات كقبائل عاد وثمود ، كذبوا بآيات الله ، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر ، والله شديد العقاب قوي العذاب.
ثم هددهم الله وتوعدهم بالعقاب في الدنيا ، فقال : قل يا محمد للكافرين ومنهم اليهود ستغلبون في الدنيا ، وتحشرون يوم القيامة إلى جهنم وبئس المهاد الذي