المسلمون يهود بني قريظة الذين خانوا العهد ، ونقضوا الميثاق ، ودخلوا مع المشركين في غزوة الأحزاب (أو الخندق) ؛ وأجلى المسلمون بني النضير المعتدين على حرمات الإسلام والمسلمين ، وفتحوا خيبر ، وفرضوا الجزية على من عداهم حينما قاتلوا المسلمين وبدؤوهم بالعدوان.
والله دائما يؤيد ويدعم بمعونته من يشاء ، كما أيد أهل بدر بتكثيرهم في عين العدو ، وتقليل الأعداء في عين المسلمين ، كما قال تعالى : (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً ، وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ، لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً)(١)(، وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) [الأنفال ٨ / ٤٤] وقال : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ..) [آل عمران ٣ / ١٢٣].
إن في هذا النصر الحاصل في بدر مع قلة عدد المسلمين وكثرة عدوهم عظة لمن عقل وتدبر ، وأعمل البصيرة والفكر ، ليهتدي به إلى حكم الله وأفعاله وقدره الجاري بنصر عباده المؤمنين في الدنيا والآخرة ، بشرط نصرة دين الله ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) [محمد ٤٧ / ٧] وقوله : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم ٣٠ / ٤٧] والمؤمن : هو من يشهد له القرآن بإيمانه ، لا من يدعي الإيمان بلسانه ، وأخلاقه وأعماله تكذب دعواه.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشد الآيات إلى مبادئ ثلاثة كبري في ميزان الله وهي :
١ ـ تأكد وقوع العذاب للكفار في نار جهنم ، دون أن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئا.
__________________
(١) أي ليفرق بين الحق والباطل ، فيظهر كلمة الإيمان على الكفر والطغيان ، ويعز المؤمنين ، ويذل الكافرين.