الخضر لموسى عليهالسلام حين نقر العصفور في البحر : «ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر».
ولا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا بما أعلمه الله عزوجل ، وأطلعه عليه ، ومن تلك الأشياء : الشفاعة ، فهي متوقفة على إذنه تعالى ، وإذنه لا يعلم إلا بوحي منه.
والله تعالى واسع الملك والقدرة ، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة ، والسموات مطويات بيمينه ، يحيط علمه بجميع ما في السموات والأرض ، ويعلم صغار الأمور وكبارها ، دقيقها وعظيمها ، لا يشغله سمع عن سمع ، ولا شأن عن شأن ، ولا يشق عليه أمر.
وقد أورد الزمخشري أربعة أوجه في تفسير قوله (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ)(١) :
أحدها ـ أن كرسيه لم يضق عن السموات والأرض لبسطته وسعته ، وما هو إلا تصوير لعظمته ، وتخييل فقط ، ولا كرسي ثمة ، ولا قعود ولا قاعد ، كقوله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ، وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ ، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) [الزمر ٣٩ / ٦٧] من غير تصوّر قبضة ، وطي ، ويمين ، وإنما هو تخييل لعظمة شأنه وتمثيل حسي ، ألا ترى إلى قوله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ).
والثاني ـ وسع علمه : وسمي العلم كرسيا تسمية بمكانه الذي هو كرسي العالم.
والثالث ـ وسع ملكه : تسمية بمكانه الذي هو كرسي الملك.
والرابع ـ ما روي أنه خلق كرسيا هو بين يدي العرش ، دونه السموات والأرض ، وهو إلى العرش كأصغر شيء. وعلى كل حال أرى أنه يجب الإيمان
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٢٩١ ـ ٢٩٢