وأوضحت أن الله إله واحد ، وأن جميع الخلائق عبيده ، لذا وجب على أهل الإيمان الصادق نبذ الاختلاف والشقاق ، والعودة إلى الوحدة والاتفاق بين أتباع الدين ، بالاعتقاد بوحدانية الله ، والتصديق برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم.
وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات الله وسلامه عليه إلى جميع البشر ، كما دل عليه القرآن والسنة في غير ما آية وحديث ، منها قوله تعالى : (قُلْ : يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) [الأعراف ٧ / ١٥٨] ومنها أيضا : (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) [الفرقان ٢٥ / ١]. وفي الصحيحين وغيرهما مما ثبت تواتره بالوقائع المتعددة : أنه صلىاللهعليهوسلم بعث كتبه يدعو إلى الله ملوك الآفاق وطوائف بني آدم ، من عربهم وعجمهم ، كتابيهم ومشركهم ، امتثالا لأمر الله بذلك. وروى مسلم وعبد الرزاق عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «والذي نفسي بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ، يهودي ولا نصراني ، ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار». وقال صلىاللهعليهوسلم في الحديث الثابت : «بعثت إلى الأحمر والأسود» وقال فيما رواه الشيخان والنسائي عن جابر : «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة». وروى البخاري عن أنس : أن غلاما يهوديا كان يضع للنبي صلىاللهعليهوسلم وضوءه ، ويناوله نعليه ، فمرض ، فأتاه النبي صلىاللهعليهوسلم ، فدخل عليه ، وأبوه قاعد عند رأسه ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا فلان ، قل : لا إله إلا الله» فنظر إلى أبيه ، فسكت أبوه ، فأعاد عليه النبي صلىاللهعليهوسلم ، فنظر إلى أبيه ، فقال أبوه : أطع أبا القاسم ، فقال الغلام : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، فخرج النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يقول : «الحمد لله الذي أخرجه بي من النار».