يلزمه. وقال الشافعي في الرجل يمرض فيختل لسانه ، فهو كالأخرس في الرجعة والطلاق. وقال أبو حنيفة : ذلك جائز إذا كانت إشارته تعرف ، وإن شك فيها فهي باطل ، وليس ذلك بقياس ، وإنما هو استحسان.
وقد منع زكريا الكلام بآفة دخلت عليه منعته إياه ، وتلك الآفة عدم القدرة على الكلام مع الصحة. أما عن ذكر الله فلا ، فقد أمره الله بألا يترك الذكر في نفسه مع اعتقال لسانه. قال محمد بن كعب القرظي : لو رخص لأحد في ترك الذكر ، لرخص لزكريا بقول الله عزوجل : (أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً ، وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً) ولرخص للرجل يكون في الحرب بقول الله عزوجل : (إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا ، وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً) [الأنفال ٨ / ٤٥].
وكذلك الصلاة لا تترك ؛ لأن معنى قوله : (وَسَبِّحْ) أي صلّ ، سميت الصلاة سبحة ، لما فيها من تنزيه الله تعالى عن السوء.
قصة زكريا عليهالسلام :
ذكر زكريا في القرآن الكريم ثماني مرات في آل عمران وفي الأنعام وفي مريم وفي الأنبياء. ويظهر أن لزكريا أبي يحيى شركة في خدمة الهيكل ، فهو «لاوي» وهو زوج خالة «مريم».
لما رأى زكريا آيات الله الباهرات وإكرامه تعالى لمريم ورزقها من حيث لا تحتسب ، فدعا ربه ليرزقه ذرية طيبة مباركة تلي أمور بني إسرائيل ؛ لأنه كان يخشى ابتلاءهم بمواليه الذين لم يكونوا متمسكين بالشريعة ، فحملت زوجه بيحيى وبشره الله بنبوته ، وأعلمه أن آية ذلك أن يعجز عن الكلام مع الناس ثلاثة أيام لا يكلمهم إلا رمزا. وقتل زكريا وابنه يحيى في حادث واحد.