(الْقَصَصُ) الخبر. (الْحَقُ) الذي لا شكّ فيه. (الْعَزِيزُ) أي ذو العزّة الذي لا يغالبه أحد في ملكه. (الْحَكِيمُ) ذو الحكمة الذي لا يساميه أحد في صنعه.
سبب النزول :
قال المفسّرون : إن وفد نجران قالوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : مالك تشتم صاحبنا؟ قال : وما أقول؟ قالوا : تقول : إنه عبد ، قال : أجل ، إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول ، فغضبوا وقالوا : هل رأيت إنسانا قط من غير أب؟ فإن كنت صادقا فأرنا مثله ، فأنزل اللهعزوجل هذه الآية (١).
المناسبة :
ذكر الله تعالى سابقا قصة عيسى وأمه ، وإيمان بعض قومه به ، وكفر بعض آخر ، وهنا ذكر حال فريق ثالث لم يكفر به ، ولم يؤمن به إيمانا صحيحا ، بل افتتن به افتتانا ، لكونه ولد من غير أب ، فزعم أن معنى كونه «كلمة الله وروح الله» : أنّ الله حلّ في أمه ، وأن كلمة الله تجسّدت فيه ، فصار إنسانا وإلها ذا طبيعة مزدوجة ، فردّ الله عليهم بأن خلق آدم أعجب من خلق عيسى.
التفسير والبيان :
إن صفة عيسى في قدرة الله حيث خلقه من غير أب كمثل آدم حيث خلقه من غير أب ولا أم ، بل خلقه من تراب ، وقدره جسدا من طين ، ثم قال له : كن فيكون أي أنشأه بشرا بنفخ الروح فيه. شبّه الغريب بالأغرب منه ، والتشبيه واقع على أن عيسى خلق من غير أب كآدم ، لا على أنه خلق من تراب ، والشيء قد يشبّه بالشيء لاتّفاقهما في وصف واحد ، وإن اختلفا في أمور أخرى. فالذي خلق آدم من غير أب قادر على أن يخلق عيسى بطريق الأولى والأحرى ،
__________________
(١) البحر المحيط : ٢ / ٤٧٧