إلى المباهلة ، فإن الله عليم (واسع العلم) بحال المفسدين ، وسيجازيهم على أعمالهم شرّ الجزاء. وكلّ من عدل عن الحقّ إلى الباطل فهو المفسد ، والله قادر عليه لا يفوته شيء.
فقه الحياة أو الأحكام :
إن عجائب الخلق وخلق الكائنات وأمر الخليقة تدلّ على وجود الخالق وهو الله تعالى ، كما قال : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ، وَيَوْمَ يَقُولُ : كُنْ فَيَكُونُ ، قَوْلُهُ الْحَقُ) [الأنعام ٦ / ٧٣]. ومن خلقه تعالى : خلق الناس على وفق قوانين عادية ، أو على غير العادة ، مثل خلق آدم ، وحواء ، وعيسى. وعقد الشّبه بين آدم وعيسى هو في أنهما خلقا من غير أب ، وذلك للرّدّ على وفد نجران الذين أنكروا على النّبي صلىاللهعليهوسلم قوله : إن عيسى عبد الله وكلمته ، فقالوا : أرنا عبدا خلق من غير أب؟! فقال لهم النّبي صلىاللهعليهوسلم : آدم ، من كان أبوه؟ أعجبتم من عيسى ليس له أب؟ فآدم عليهالسلام ليس له أب ولا أم.
وآية المباهلة حدّ فاصل في الجدال ؛ لأن اللعنة محقّقة فيها على الكاذب. وهذه الآية من أعلام نبوّة محمد صلىاللهعليهوسلم ؛ لأنه دعاهم إلى المباهلة ، فأبوا ورضوا بالجزية ، بعد أن أعلمهم كبيرهم : العاقب أنهم إن باهلوه اضطرم عليهم الوادي نارا ، فإن محمدا نبيّ مرسل ، ولقد تعلمون أنه جاءكم بالفصل في أمر عيسى ؛ فتركوا المباهلة ، وانصرفوا إلى بلادهم على أن يؤدوا في كل عام ألف حلّة في صفر ، وألف حلّة في رجب ، فصالحهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ذلك بدلا من الإسلام.
ودلّ قوله تعالى : (نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) ، وقوله صلىاللهعليهوسلم في الحسن : «إنّ ابني هذا سيّد» (١) على خصوصية تسمية الحسن والحسين : ابني النّبي صلىاللهعليهوسلم دون غيرهما ، لقوله عليه الصلاة والسلام : «كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي» (٢).
__________________
(١) رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن إلا ابن ماجه عن أبي بكرة.
(٢) رواه الطبراني والحاكم والبيهقي عن عمر.