[البقرة ٢ / ١٩٣] لكن فاته أن المراد بالناس بإجماع العلماء هم مشركو العرب. وهذا راجع لسبب خاص بالعرب ؛ لأنهم حملة رسالة الإسلام ، وبلادهم منطلق الإسلام ، فجاز إكراههم بحق لهذين السببين.
ودلت آية (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ) على ظهور أدلة الرشد والإيمان وتميز الدين الحق عن الغي والضلال والجهالة ، وأن الإسلام هو دين الحق ، وأن أنواع الكفر كلها باطلة.
ودلت آية (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) على أن من آمن من الناس ، فالله متولي أموره ، يخرجه من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان ، ومن كفر بعد وجود النبي صلىاللهعليهوسلم ، الداعي المرسل ، فشيطانه مغويه ، كأنه أخرجه من الإيمان ، إذ هو معه. ودلت أيضا على أن الحكم على الكفار بالدخول في النار ، لكفرهم هو عدل منه تعالى ، ولا يسأل عما يفعل.
وهذه الآية بمثابة الدليل على منع الإكراه في الدين ؛ لأن الولاية على العقول والقلوب هي لله تعالى وحده ، والهداية إلى الإيمان تكون بتوفيق الله تعالى من شاء ، وإعداده للنظر في الآيات والخروج من الشبهات ، بما ينقدح لنظره من نور الدليل ، لا بالإجبار والإكراه.
والخلاصة : أن المؤمن لا ولي له ولا سلطان لأحد على اعتقاده إلا الله تعالى ، وتكوين الإيمان يكون باستعمال الهدايات التي وهبها الله للإنسان وهي الحواس والعقل والدين.
أما الكفار فلا سلطان على نفوسهم إلا لتلك المعبودات الباطلة المؤدية إلى الطغيان ، فهي التي تقوده إلى إخلاء قلبه من الإيمان ، والانصراف إلى التمتع بالشهوات الحسية أو المعنوية كالسلطة أو الجاه ، والاسترسال في الفواحش والمنكرات أو الظلم والطغيان. وعرف ابن القيم الطاغوت : بأنه ما تجاوز به