العنصري على غيرهم ، وأما من سواهم فلا حرمة له عند الله ، فهو مبغوض عنده ، محتقر لديه ، ولا حق له ولا حرمة ، روي أن بني إسرائيل كانوا يعتقدون استحلال أموال العرب لكونهم أهل أوثان ، فلما جاء الإسلام ، وأسلم من أسلم من العرب ، بقي اليهود فيهم على ذلك المعتقد ، فنزلت الآية مانعة من ذلك (١).
وهذا أمر مرفوض في شرعة الله التي لا تفرق في أداء الحقوق بين المؤمن والكافر ، ولكنهم اليهود الذين يحرّفون الكلم عن مواضعه ، ويتأوّلون النصوص على وفق أهوائهم. ومن أمثلة ذلك أيضا : ما رواه ابن جرير الطبري : أن جماعة من المسلمين باعوا لليهود بعض سلع لهم في الجاهلية ، فلما أسلموا تقاضوهم الثمن ، فقالوا : ليس علينا أمانة ولا قضاء لكم عندنا ؛ لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه ، وادّعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم.
فليحذر أتباع شرع مثل فعل اليهود ، روى عبد الرزاق وأبو إسحاق أنّ رجلا سأل ابن عباس فقال : إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة : الدجاجة والشاة ، قال ابن عباس : فما ذا تقولون؟ قال : نقول : ليس علينا بذلك بأس ، قال : هذا كما قال أهل الكتاب : (لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) إنهم إذا أدّوا الجزية ، لم تحلّ لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم.
وروى ابن أبي حاتم وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : لما قال أهل الكتاب : ليس علينا في الأميين سبيل ، قال نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم : «كذب أعداء الله ، ما من شيء كان في الجاهلية إلا وهو تحت قدمي هاتين ، إلا الأمانة ، فإنها مؤداة إلى البرّ والفاجر» هذا ردّ عليهم.
وردّ الله عليهم أيضا بأنهم يكذبون على الله بادعائهم أن ذلك في كتابهم ، وهم يعلمون كذبهم الصريح فيه ؛ لأن التوراة خالية من هذا الحكم الجائر وهو خيانة الأميين.
__________________
(١) البحر المحيط : ٢ / ٥٠٠