إلى هداية العقل ، فقد هدي إلى خيري الدنيا والآخرة ، وأدرك الأمور على حقيقتها.
ولا يتعظ بالعلم ويتأثر بالموعظة وينتفع بالتذكار إلا كل ذي عقل سليم يفهم به الخطاب الشرعي ومعنى الكلام الإلهي.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه الآية متصلة بما قبلها ، فهي تحث المؤمن على الإنفاق في سبيل الله : سبيل الخير ؛ لأن الله وعد بالمغفرة جزاء الإنفاق ، وبالإخلاف والتعويض والإمداد بالفضل الإلهي من المال والرزق ، والله تعالى يعطي من سعة ، فلا تنفد خزائنه ، ويعلم حيث يضع ذلك ، ويعلم الغيب والشهادة.
وتحذر الآية من وساوس الشياطين ، فإن للشيطان مدخلا في تثبيط الإنسان عن الإنفاق في سبيل الله ، وهو مع ذلك يأمر بالبخل والفحشاء وهي المعاصي ، والإنفاق فيها.
ومن أعطي الحكمة (العلم النافع الصحيح) وفهم القرآن ، فقد أعطي أفضل ما أعطي من جمع كتب علم الأولين من الصحف وغيرها. والآية تحض على العلم وترفع شأن الحكمة ، وتهدي إلى استعمال العقل في أشرف ما خلق له. قال بعض الحكماء : من أعطي العلم والقرآن ينبغي أن يعرف نفسه ، ولا يتواضع لأهل الدنيا لأجل دنياهم : فإنما أعطي أفضل ما أعطي أصحاب الدنيا ؛ لأن الله تعالى سمى الدنيا متاعا قليلا ، فقال : (قُلْ : مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ) [النساء ٤ / ٧٧] وسمّى العلم والقرآن (خَيْراً كَثِيراً).