التفسير والبيان :
ما أنفقتم من نفقة ، سواء كانت لله أو للرياء أو كانت مصحوبة بالمن أو الأذى أو لم تصحب بهما ؛ أو نذرتم نذرا في طاعة (وهو نذر التبرر) أو في معصية (وهو نذر اللجاج والغضب) ، فإن الله عالم به ومجاز عليه ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، وهذا ترغيب في الخير وترهيب من الشر. وما للظالمين الذين ظلموا أنفسهم بأن بخلوا بالمال ولم يتصدقوا من أنصار ينصرونهم يوم القيامة ، كقوله : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) [غافر ٤٠ / ١٨].
وإن تظهروا صدقات التطوع بقصد حمل الناس على فعلها فنعم ما فعلتم ، وإن تخفوها ، ولم تعلموا بها أحدا ، وتعطوها الفقراء ، فهو خير لكم بعدا عن الرياء والسمعة ، ويمحو عنكم بالصدقة بعض ذنوبكم ؛ لأن الصدقة لا تكفر جميع الذنوب أو السيئات.
والله خبير وبصير بكل عمل تعملونه وبكل دقائق الأمور ، فهو يعلم السر وأخفى ، فيجازيكم على أعمالكم ، واحذروا الرياء والإنفاق لغير الله ، فلا تخفى عليه نياتكم في الإبداء والإخفاء.
فقه الحياة أو الأحكام :
كانت العرب تكثر من النذور ، فذكر الله تعالى النوعين : ما يفعله المرء تبرعا ، وما يفعله نذرا أي بإلزامه نفسه.
ويخبر الله تعالى بأنه عالم بجميع ما يفعله العاملون من الخيرات من النفقات والمنذورات ، ويجازي كل واحد بحسب فعله ، خيرا أو شرا ، وفي الآية معنى الوعد والوعيد ، فمن كان خالص النية ، ينفق في طاعة الله فهو مثاب ، ومن أنفق رياء أو قرن صدقته بالمن أو الأذى ونحو ذلك ، فهو ظالم ، يذهب فعله هدرا ، ولا يجد له يوم القيامة ناصرا فيه ينقذه من عذاب الله ونقمته. ولا فرق في