النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) [النحل ١٦ / ٦٧] ، وفي كلا الآيتين تمهيد للتحريم وتعريض به وإيماء إلى ضرورة تجنّبه.
٢ ـ ثم قصّ علينا القرآن في المدينة سيرة اليهود الذين حرّم عليهم الرّبا فأكلوه وعاقبهم الله بمعصيتهم ، فقال : (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ..)(١) [النساء ٤ / ١٦١] ، وهذا نظير المرحلة الثانية في تحريم الخمر : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ، قُلْ : فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ ، وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) [البقرة ٢ / ٢١٩] ، وكلا الآيتين إنذار بالتّحريم ، وتعريض به ، وإيذان بعقوبة المخالف.
٣ ـ ثم نهى تعالى عن الرّبا الفاحش الذي يتزايد حتى يصير أضعافا مضاعفة ، وهو ما كان في الجاهلية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً ..) [آل عمران ٣ / ١٣٠]. وهذا يشابه المرحلة الثالثة من مراحل تحريم الخمر : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ..) [النساء ٤ / ٤٣] ، فكلا الآيتين نهي جزئي صريح ، إلا أنّ آية الرّبا نهي عن صورة فاحشة من صور الرّبا وهو الرّبا الجاهلي ، وآية الخمر نهي جزئي عن تناول المسكر وقت إرادة الصلاة.
٤ ـ ثم جاء التّحريم القاطع لكلّ من الرّبا والخمر ، أما الرّبا فقد نهى الله عن كل ما يزيد عن رأس مال المدين : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ..) الآيات. وأما الخمر فقد أمر الله باجتنابه في كل الأحوال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ ، فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة ٥ / ٩٠].
__________________
(١) قال القرطبي : ولم يرد به الرّبا الشرعي الذي حكم بتحريمه علينا ، و ٧ نما أراد المال الحرام ، كما قال تعالى : أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ أي المال الحرام من الرّبا وما استحلوه من أموال غير اليهود.