قال نفاة القياس وهم الظاهرية : إن الحرمة مقصورة على هذه الأصناف الستّة ، لا يزاد عليها.
وقال جمهور الفقهاء منهم أئمة المذاهب الأربعة : إن الحرمة غير مقصورة على هذه الأصناف ، وإنما تتعدّاها إلى كل شيء هو في معناها ، لأن النّص معلل بعلة مفهومة منه ، فتتعدى الحرمة إلى كلّ ما توجد فيه العلّة ، إذ لا تعقل التّفرقة بين متماثلين ، وإنما نصّ الحديث على أصول الأشياء في عصر النّبوّة.
فقال الحنفية ، والحنابلة في أشهر الروايات الثلاث عندهم : إنّ العلّة هي اتّحاد هذه الأصناف في الجنس والقدر ، أي الكيل والوزن ، فمتى اتّحد العوضان في الجنس ، والقدر الذي يباع به من كيل أو وزن ، حرم الرّبا بنوعيه ، كبيع الحنطة بالحنطة ، والحديد بالحديد ، وإذا عدما معا حلّ التفاضل والنّسيئة كبيع الحنطة بالدراهم إلى أجل ، وإذا عدم القدر واتّحد الجنس حلّ التفاضل دون النّسيئة ، كتفاحة بتفاحتين ، وإذا عدم الجنس واتّحد القدر حلّ الفضل دون النّسيئة أيضا كبيع الحنطة بالشّعير.
وقال الشافعية ، والمالكية في ظاهر المذهب : علّة تحريم الزيادة في الذهب والفضة هي النقدية (أي الثمنية ـ كونهما ثمنا للأشياء عادة).
والعلّة في الطّعام في ربا النّسيئة : هي مجرّد المطعومية ، لكن عند المالكية : على غير وجه التداوي ، وعند الشافعية : ولو بقصد التداوي ، فيحرم هذا الرّبا في الخضار والفاكهة ، وأما المأخوذ تداويا فلا ربا فيه عند المالكية ، وفيه الرّبا عند الشافعية.
وأما علّة ربا الفضل : فقد اختلف هذان المذهبان فيها ، فذهب المالكية إلى أنّ العلّة هي اتّحاد الجنس مع الاقتيات والادّخار ، فيجري هذا الرّبا في الحبوب كلّها والزّبيب واللحوم والألبان وما يصنع منها ، ولا يجري في الخضروات والفواكه