(بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي) أي بئس خلافة خلفتمونيها من بعد خروجي إلى ميقات ربي لمناجاته. (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) استعجلتم ، والعجلة : التقدم بالشيء قبل وقته أما السرعة فهي عمل الشيء في أول أوقاته (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) طرح ألواح التوراة غضبا لربه ، فتكسرت (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) أي بشعره بيمينه ، ولحيته بشماله (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) غضبا على وجه المعاتبة لا على وجه الإهانة (ابْنَ أُمَ) ذكر الأم أعطف لقلبه (وَكادُوا) قاربوا (فَلا تُشْمِتْ) تفرح ، والشماتة : الفرح بالمصيبة ، ولا تشمت بي الأعداء : بإهانتك إياي. (وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) بعبادة العجل في المؤاخذة.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى قصة السامري باتخاذ العجل إلها لبني إسرائيل ، ذكر أثر ذلك ووقعة على موسى ؛ إذ أنه في حال رجعته ، كان غضبان أسفا ، واشتد أساه وحزنه حين رأى الواقع المؤلم من ضلال قومه وغيهم ، فبادر إلى تعنيف أخيه هارون بسبب عبادة قومه العجل ، ولامه على سكوته على قومه. وهذا هو الفصل الثاني من قصة عبادة العجل.
التفسير والبيان :
أخبر الله موسى بفعل بني إسرائيل ، وهو على الطور ، بقوله : (قالَ : فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ ، فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً ، قالَ : يا قَوْمِ : أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً ، أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ ، أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ ، فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) [طه ٢٠ / ٨٥ ـ ٨٦].
فكان موسى أثناء رجوعه من الميقات غضبان أسفا ، أي ساخطا شديد الحزن والأسى ، وقال لقومه : بئسما فعلتم من بعد غيبتي ، وبئست الخلافة التي خلفتموها من بعد ذهابي إلى جبل الطور لمناجاة ربي ، حيث عبدتم العجل واتبعتم السامري ، وتركتم عبادة الله وتوحيده ، وقد كنت أوضحت لكم عقيدة التوحيد ، وغرست في قلوبكم تلك العقيدة ، وطهرت نفوسكم من الشرك والوثنية ، وحذرتكم من ضلال القوم الذين كانوا يعكفون على أصنام لهم من