المناسبة :
الربط بين هذه الآيات وما قبلها واضح ، فبعد أن ذكر تعالى عتاب موسى لأخيه هارون عليهماالسلام ، ثم استغفاره لنفسه ولأخيه ، ذكر جزاء الظالمين باتخاذ العجل إلها ومعبودا ، وقبول توبة التائبين. وهذا هو الفصل الثالث من قصة عبادة العجل.
التفسير والبيان :
إن الذين اتخذوا العجل من بني إسرائيل إلها ومعبودا بعد غيبة رسولهم موسى عليهالسلام ، وبقوا على تأليهه واستمروا على عبادته كالسامري وأتباعه ، سيصيبهم عذاب شديد من ربهم ، وهو المذكور في سورة البقرة ، وهو أن الله تعالى لن يقبل توبتهم حتى يقتتلوا ، ويقتل بعضهم بعضا : (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ ، فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ ، فَتابَ عَلَيْكُمْ ، إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة ٢ / ٥٤].
وسينالهم أيضا ذلة وصغار في الحياة الدنيا ، بخروجهم من ديارهم وتشردهم ، وهوانهم على الناس واحتقارهم لهم ، وتهالكهم على حب الدنيا ، فهم الماديون المنبوذون المكروهون في كل أمة ، وتلك هي ذلة عظيمة المعنى ، ونظيره قوله تعالى : (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) [البقرة ٢ / ٦١] والذلة بمعناها القريب والبعيد. وأما قيام دولتهم في فلسطين فهي محنة للمسلمين ، فربما أناس سلّط عليهم من هو شر لهم ، وقد أثبتت الدراسات العلمية أن بقاء دولة الصهاينة في فلسطين شيء مستحيل ، ولا تؤيده الظروف والقرائن المشاهدة ، وقد بشرت الأحاديث النبوية بقتلهم وطردهم منها ، ولكل أجل كتاب.
ومثل ذلك الجزاء الذي نزل بالظالمين من بني إسرائيل في الدنيا نجزي القوم