خلقت من أجله ، وهو الاستفادة من المسموعات ، والانتفاع من المبصرات ، وهم الأغبياء الجاهلون الذين لا ينظرون إلى المستقبل ، وإنما انصرفوا إلى الحياة الدنيا ، وتركوا الاشتغال بما يؤهلهم للخلود في نعيم الحياة الآخرة. وعلى هذا تكون غفلتهم بمعنى ترك التدبر ، والإعراض عن الجنة والنار.
أما العقلاء الفطنون فهم الذين عملوا للآخرة ، ولم يهملوا ما تتطلبه الدنيا ، كما قال تعالى : (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ، وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ، وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ، وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ ، إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص ٢٨ / ٧٧].
فقه الحياة أو الأحكام :
يرى المعتزلة أن الهداية والضلالة باختيار الإنسان ، وأما هذه الآية : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ) فهي في المطبوع على قلوبهم الذين علم الله أنه لا لطف لهم ، ونظرا لإيغالهم في الكفر وإصرارهم عليه ، وأنه لا يأتي منهم إلا أفعال أهل النار ، جعلهم الله مخلوقين للنار ، فالآية تدل على توغلهم في موجبات النار ، وتمكنهم فيما يؤهلهم لدخولها (١).
ويرى أهل السنة أن الآية تدل على أن الهداية من الله ، وأن الضلال من الله تعالى ، فمن هداه الله ، فإنه لا مضل له ، ومن أضله فقد خاب وخسر لا محالة ، فإنه تعالى ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ولهذا جاء في حديث ابن مسعود الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن وغيرهم : «إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
__________________
(١) الكشاف : ١ / ٥٨٨.