ويموت أهل الأرض جميعا عند النفخة الأولى للصوّر. وهذا اصطلاح شرعي ، ويستعمل عادة بأل ، فإذا ذكر بدون «أل» في القرآن فمعناه الساعة الزّمانية ، وهو لغة : جزء قليل غير معيّن من الزّمن. وعند الفلكيين : جزء من أربع وعشرين جزءا متساوية من اليوم.
(أَيَّانَ مُرْساها) متى زمن إرسائها واستقرارها وحصولها ، ومنه : إرساء السّفينة أي إيقافها بالمرساة التي تلقى في البحر ، فتمنعها من الجريان.
(لا يُجَلِّيها) لا يظهرها ولا يكشفها. (لِوَقْتِها) اللام بمعني في ، أي في وقتها ، كما يقال : كتبت هذا لغرّة المحرّم أي في غرّته. (ثَقُلَتْ) عظمت. (بَغْتَةً) فجأة على غفلة ، من غير توقّع ولا انتظار ، كما قال عليه الصّلاة والسّلام فيما ذكر قتادة : «إنّ الساعة تهيج بالناس ، والرّجل يصلح حوضه ، والرّجل يسقي ماشيته ، والرّجل يقيم سلعته في السّوق ، ويخفض ميزانه ويرفعه» (١).
(حَفِيٌّ عَنْها) عالم بها أو مبالغ في السؤال عنها ، من حفي عن الشيء : إذا سأل عنه ، فإن من بالغ في السؤال عن الشيء والبحث عنه ، استحكم علمه به ، ولذلك عدي بعن. والحفيّ : المستقصي في السؤال عن الشيء المعتني بأمره ، قال الأعشى :
فإن تسألي عنّي ، فيا ربّ سائل |
|
حفيّ عن الأعشى به حيث أصعدا |
والإحفاء : الاستقصاء ، ومنه : إحفاء الشّارب. وحفي عن الشيء : إذا بحث للتعرّف عن حاله.
سبب النزول :
كانت اليهود تقول للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن كنت نبيّا فأخبرنا عن الساعة متى تقوم؟». وأخرج ابن جرير الطّبري عن قتادة أن المشركين قالوا ذلك ، لفرط الإنكار (٢). وأخرج الطّبري أيضا وغيره عن ابن عباس قال : قال خمل بن قشير وسموءل بن زيد لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أخبرنا متى الساعة ، إن كنت نبيّا كما تقول ، فإنّا نعلم ما هي ، فأنزل الله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها).
ورجّح ابن كثير أنها نزلت في قريش ؛ لأن الآية مكّية ، وكانوا يسألون عن
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ٢٧١.
(٢) تفسير القرطبي : ٧ / ٣٣٥.