وقت السّاعة ، استبعادا لوقوعها وتكذيبا بوجودها (١) ، كما قال تعالى : (وَيَقُولُونَ : مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [سبأ ٣٤ / ٢٩] ، وقال تعالى : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها ، وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ، أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) [الشورى ٤٢ / ١٨].
المناسبة :
لما تكلّم الله تعالى في التّوحيد والنّبوة والقضاء والقدر ، أتبعه بالكلام عن المعاد. وكذلك لما قال تعالى في الآية المتقدّمة عن أجل الإنسان : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) بقصد الحثّ على التوبة والإصلاح ، وهو الساعة الخاصة ، قال بعده : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) للإرشاد إلى النظر والتّفكر في أمر الساعة العامة التي تنتهي بها الدّنيا كلّها ، ويموت بها جميع النّاس ، ولبيان أن وقت السّاعة مكتوم عن الخلق.
التفسير والبيان :
يسألونك يا محمد عن وقت الساعة ، متى يكون؟ ومتى يحصل ويستقرّ؟ كما قال تعالى : (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ) [الأحزاب ٣٣ / ٦٣]. وفي التعبير بالإرساء الدّال على الاستقرار إشارة إلى أن قيام الساعة إنهاء لحركة العالم ، وانقضاء عمر الأرض.
قل لهم : إن علم الساعة مقصور على الله وحده ، فلا يطّلع عليه أحد من الخلق ، فإنه هو الذي يعلم جلية أمرها ، ومتى يكون على التّحديد ، ولا يظهرها في وقتها المحدود إلا الله ، ولا يعلم بها أحد حتى ولو كان ملكا مقرّبا أو نبيّا مرسلا ، كما قال تعالى : (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها)
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ٢٧١.