[فصلت ٤١ / ٤٧] ، وقال سبحانه : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ...) [لقمان ٣١ / ٣٤]. فكلّ من الساعة العامة (القيامة) ، والساعة الخاصّة (أجل الإنسان) من الغيبيات التي اختص الله بعلمها ، لتكون فترة الاختبار صحيحة وعامة غير متأثرة بدافع العلم بها أو بقصد النّفعية ، ولا مختصّة بزمن معيّن يطلع عليه الخلق ، ولتبقى رهبتها مهيمنة على النّفوس.
وفي التّعبير بقوله : (عِنْدَ رَبِّي) إشارة إلى أن ما هو شأن الرّب لا يكون للمخلوق ، وأنّ مهمة النّبي الإنذار بوقوعها ، لا بتحديد زمنها ، حتى لا يضطرب شأن العالم ، فلو علمت لاضطرب الناس واختلّ العمران.
لذا قال تعالى : (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي خفي علمها على أهل السّموات والأرض ، ولم يعلم أحد من الملائكة المقرّبين والأنبياء المرسلين متى يكون حدوثها ووقوعها ، وكلّ ما خفي علمه فهو ثقيل على الفؤاد. وقيل عن الحسن وغيره : كبر مجيئها على أهل السّموات والأرض ، وعظم أمرها ، فهم لا يدرون متى تفاجئهم ، ويتوقعون دائما وقوعها ، ويخافون منها لشدّة وقعها وعظم أهوالها.
وقضى الله أنها لا تأتي إلا بغتة أي فجأة على غفلة ، والناس مشغولون في شأن الدّنيا ومصالحها. وهذا تأكيد لما تقدّم وتقرير لعنصر المفاجأة في إتيانها.
روى البخاري عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشّمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو كسبت في إيمانها خيرا. ولتقومنّ الساعة ، وقد نشر الرّجلان ثوبهما بينهما ، فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومنّ الساعة ، وقد انصرف الرّجل بلبن لقحته (١) فلا يطعمه ، ولتقومنّ
__________________
(١) اللقحة : الشاة الحلوب أو الحامل.