ومن المراد بقوله (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما)؟
ذكر بعض المفسرين كالسيوطي أن المراد آدم وحواء ، بالاعتماد على حديث ضعيف في الترمذي وغيره ، وهو ما رواه سمرة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لما ولدت حواء ، طاف بها إبليس ، وكان لا يعيش لها ولد ، فقال : سميه عبد الحارث ـ وكان اسم إبليس حارثا بين الملائكة ـ فإنه يعيش ، فسمته ، فعاش ، فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره. وتؤيده روايات إسرائيلية كثيرة لاثبات لها ، فلا يعول عليها ، وأمثال ذلك لا يليق بالأنبياء.
والواقع ـ على افتراض أن المراد بالنفس الواحدة : آدم ـ أن نسبة هذا الجعل إلى آدم وحواء يراد به بعض أولادهما ، قال الحسن البصري : هم اليهود والنصارى ، رزقهم الله أولادا ، فهوّدوا ونصّروا (١).
وأيّد ابن كثير هذا التأويل عن الحسن رضياللهعنه ، فقال : وهو من أحسن التفاسير ، وأولى ما حملت عليه الآية ... وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري رحمهالله في هذا ، وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء ، وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته ، ولهذا قال الله : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي بصيغة الجمع. فذكر آدم وحواء أولا كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين ، وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس ، كقوله : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ ، وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) [الملك ٦٧ / ٥] ومعلوم أن المصابيح وهي النجوم التي زينت بها السماء ليست هي التي يرمى بها ، وإنما هذا استطراد من شخص المصابيح إلى جنسها ، ولهذا نظائر في القرآن (٢).
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٢ / ٢٧٥.
(٢) المرجع السابق : ٢ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦.