منها : (أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) [طه ٢٠ / ١٢٨].
فقه الحياة أو الأحكام :
تضمنت الآيات ترغيبا للمؤمنين وترهيبا للكافرين. أما ترغيب المؤمنين فهو إفاضته الخيرات والبركات الإلهية من السماء بالمطر والرياح المباركة ، ومن الأرض بالنبات والثمار ، والمعادن والكنوز ، وكثرة المواشي والأنعام ، وحصول الأمن والسلامة ، وإلهام الإنسان رشده وفكره إلى اكتشاف وسائل الراحة والرخاء.
وأما ترهيب الكافرين فهو إنذارهم بتعذيبهم عذاب استئصال ودمار ، كعذاب الأمم الأخرى وأهل القرى والمدن الذين أرسل إليهم الرسل ، فكذبوهم وآذوهم.
وحذرهم تعالى بألا يغتروا بحلم الله وإمهاله وتأجيله العقاب ، فربما يأتي العقاب في حال الغفلة ليلا أو نهارا ، ومن اغتر بحلم الله وأمن مكره ، أي جزاءه ، فلا يأمن الجزاء إلا الخاسرون.
أولم يتبين لهم أن سنة الله واحدة في تعذيب الكافرين؟ وسنة الله لا تتغير ، إنه يعذب العصاة والمتمردين بسبب ذنوبهم وسيئاتهم ، كما عذب الذين من قبلهم الذين كانوا أشد منهم قوة وأكثر أموالا وأولادا ، وإن لم نهلكهم بالعقاب (نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ ، فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) الموعظة سماع فهم وتدبر.
واستدل أهل السنة بقوله تعالى : (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ) على أنه تعالى قد يمنع العبد عن الإيمان ، أي بعد أن علم عدم إيمان ذلك العبد. وقال الجبائي المعتزلي : المراد من هذا الطبع أنه تعالى يسم قلوب الكفار بسمات وعلامات تعرف الملائكة بها أن أصحابها لا يؤمنون ، وتلك العلامة غير مانعة من الإيمان.