وهذا هو المشهور ، المروي عن ابن عباس قال : وأمد الله نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين بألف من الملائكة ، فكان جبريل في خمسمائة من الملائكة مجنّبة ، وميكائيل في خمسمائة مجنّبة.
وهذا هو الراجح المؤيد في السنة النبوية بالروايات الصحيحة ، روى ابن جرير ومسلم عن ابن عباس عن عمر الحديث المتقدم. ورويت أحاديث أخرى. ولو لا الأحاديث لكان للرأي الأول اعتبار واضح.
وعن أبي جهل أنه قال لابن مسعود : من أين كان الصوت الذي كنا نسمع ، ولا نرى شخصا؟ قال : هو من الملائكة ، فقال أبو جهل : هم غلبونا لا أنتم.
ومن المتفق عليه أن الملائكة لم يقاتلوا يوم أحد ؛ لأن الله وعدهم بالنصر وعدا معلقا على الصبر والتقوى ، فلم يحققوا هذا الشرط.
وقتال الملائكة مع المؤمنين لا يقلل من أهمية قيام المؤمنين بواجبهم في القتال على أتم وجه وأكمله ، فإنهم قاتلوا قتالا مستميتا استحقوا به كل تقدير ، جاء في الصحيحين أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعمر ـ لما شاوره في قتل حاطب بن أبي بلتعة : «إنه قد شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم».
وكان وقع المعركة على قريش شديدا جدا بسبب ما لا قوة من قتل زعمائهم بأسياف المسلمين ورماحهم وعلى يد شبانهم ، مع أنهم الفرسان المشاهير ، فكان هذا هو عقاب كفرهم وعنادهم ، والله تعالى يعاقب الأمم السالفة المكذبة للأنبياء بالقوارع التي تعم الأمم المكذبة ، كما أهلك قوم نوح بالطوفان ، وعادا الأولى بالدبور (الريح الصرصر العاتية) ، وثمود بالصيحة (الصوت الشديد المهلك) وقوم لوط بالخسف والقلب وحجارة السجيل (من جهنم) وقوم شعيب بيوم الظلة ، وفرعون وقومه بالغرق في اليم.