شجاعة الظاهر ، أي أن إنزال المطر حقق أربع فوائد : التطهير الحسي بالنظافة والشرعي بالغسل من الجنابة والوضوء ، وإذهاب وسوسة الشيطان ، والربط على القلوب أي توطين النفس على الصبر ، وتثبيت الأقدام به على الرمال.
وظاهر القرآن يدل على أن النعاس كان قبل المطر ، وهي ليلة بدر السابعة عشرة من رمضان. وقال مجاهد وابن أبي نجيح : كان المطر قبل النعاس.
والسبب في إنزال المطر : ما روى ابن المنذر من طريق ابن جرير الطبري عن ابن عباس رضياللهعنه : أن المشركين غلبوا المسلمين في أول أمرهم على الماء ، فظمئ المسلمون ، وصلوا مجنبين محدثين ، وكان بينهم رمال ، فألقى الشيطان في قلوبهم الحزن ، وقال : أتزعمون أن فيكم نبيا ، وأنكم أولياء ، وتصلّون مجنبين محدثين؟ فأنزل الله من السماء ماء ، فسال عليهم الوادي ماء ، فشرب المسلمون ، وتطهروا ، وثبتت أقدامهم (على الرمل المتلبد) وذهبت وسوسته. والضمير في (بِهِ) للماء أو المطر.
وسبق رسول الله وأصحابه إلى الماء المتجمع من ماء المطر ، فنزلوا عليه ، وصنعوا الحياض ، ثم غوّروا ما عداها من المياه ، وبني لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عريش على تلّ مشرف على المعركة.
هذا ما دل عليه الخبر وهو أن المشركين سبقوا إلى التجمع على الماء يوم بدر ، والمعروف كما ذكر ابن إسحاق في سيرته وتبعه ابن هشام في سيرته : أن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لما سار إلى بدر ، نزل على أدنى ماء هناك ، أي أول ماء وجده ، فتقدم إليه الحباب بن المنذر ، فقال : يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل؟ أمنزلا أنزلكه الله ، ليس لنا أن نتقدمه ولا أن نتأخر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال : بل هو الحرب والرأي والمكيدة ، قال : يا رسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم ، فننزله ، ثم نغوّر ما وراءه من القلب