هذا الحكم عام في جميع الحروب ، لقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) وهو عام ، فيتناول جميع الحالات ، كل ما في الأمر أنه نزل في واقعة بدر ، والعبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب.
والآية نزلت بعد القتال وانقضاء الحرب ، وهذا رأي مالك والشافعي وأكثر العلماء.
قال ابن القاسم : لا تجوز شهادة من فرّ من الزحف ، ولا يجوز لهم الفرار ، وإن فرّ إمامهم ؛ لقوله عزوجل : (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) الآية : وفيها أنه استحق غضب الله ونار جهنم. وقال أيضا : ويجوز الفرار من أكثر من ضعفهم ، وهذا ما لم يبلغ عدد المسلمين اثني عشر ألفا ، فإن بلغ اثني عشر ألفا ، لم يحل لهم الفرار ، وإن زاد عدد المشركين على الضعف ؛ لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما رواه أبو بشر وأبو سلمة العاملي : «ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلّة» إلا أن فيه راويا متروكا.
فإن فرّ فليستغفر الله عزوجل ، لما رواه الترمذي عن بلال بن يسار بن زيد قال : حدثني أبي عن جدّي ، سمع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، وأتوب إليه ، غفر الله له ، وإن كان قد فرّ من الزحف».
٢ ـ استدل أهل السنة بقوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ؛ لأنه تعالى قال : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) ومن المعلوم أنهم جرحوا الأعداء ، فدل هذا على أن حدوث تلك الأفعال إنما حصل من الله. وقوله تعالى عن النبي عليه الصلاة والسّلام : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) أي وما رميت خلقا ولكن رميت كسبا. وعلى كل حال فمذهب أهل