وهذه التأويلات تعضدها الأحاديث الصحيحة ، ففي صحيح مسلم عن زينب بنت جحش أنها سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت له : يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال : «نعم إذا كثر الخبث». وفي صحيح الترمذي : «إن الناس إذا رأوا الظالم ، ولم يأخذوا على يديه ، أو شك أن يعمهم الله بعقاب من عنده». وفي صحيح البخاري والترمذي عن النعمان بن بشير عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا (١) على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها ، وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء ، مرّوا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ، ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا ، هلكوا جميعا ، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا».
ففي هذا الحديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة ، وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
المناسبة :
بعد أن أمر الله تعالى المؤمنين بطاعة الله والرسول في الجهاد وبذل المال وغيرهما ، أردفه بالأمر بإجابة الله والرسول إذا دعاهم لما يحييهم حياة أبدية ، ويصلحهم بهداية الدين وأحكامه ، فكأن هذه الآيات بمثابة بيان العلة لطاعة الله والرسول ، وهو تحقيق الصلاح والخير والسعادة الأبدية في الدنيا والآخرة بالتزام الدين.
التفسير والبيان :
كرر الله النداء بلفظ الذين آمنوا هذه الآيات وما قبلها ، إشارة إلى أن وصف الإيمان موجب الامتثال والإجابة والإصغاء لما يرد بعده من الأوامر والنواهي.
__________________
(١) استهموا : اقترعوا.