بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد وردت أحاديث كثيرة تحذر من الفتن ، منها : ما رواه أحمد وأبو داود عن المنذر بن جرير عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما من قوم يعملون بالمعاصي ، وفيهم رجل أعز منهم وأمنع لا يغيره إلا عمّهم الله بعقاب ، أو أصابهم العقاب».
ثم نبّه الله تعالى عباده المؤمنين على نعمه وإحسانه عليهم ، حيث كانوا قليلين فكثرهم ، ومستضعفين خائفين فقواهم ونصرهم ، وفقراء عالة فرزقهم من الطيبات ، وهذا كان حال المؤمنين قبل الهجرة من مكة إلى المدينة ، فبعد أن أمرهم بطاعة الله وطاعة الرسول ، ثم أمرهم باتقاء المعصية ، أكد ذلك التكليف بهذه الآية ، فقال : واذكروا أيها المهاجرون ، وقيل : الخطاب لجميع المؤمنين في عصر التنزيل ، اذكروا وقت أن كنتم قلة مستضعفين في مكة ، والمشركون أعزة كثرة يذيقونكم سوء العذاب ، وكنتم خائفين غير مطمئنين ، (تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ) ، أي يأخذكم مشركو العرب بسرعة خاطفة للقتل والسلب ، كما كان يتخطف بعضهم بعضا خارج الحرم المكي ، كما قال تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً ، وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) [العنكبوت ٢٩ / ٦٧] وقال : (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) [القصص ٢٨ / ٥٧].
(فَآواكُمْ) ، أي جعل لكم مأوى تتحصنون به في المدينة ، وأيّدكم ، أي أعانكم وقواكم يوم بدر وغيره من الغزوات بنصره المؤزر وعونه ، وسيؤيدكم بنصره على من سواكم من الروم والفرس وغيرهم ، (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) رزقا حسنا مباركا فيه وأحل لكم الغنائم ، كي تشكروا هذه النعم الجليلة ، والغرض التذكير بالنعمة لتكون حاملا لهم على إطاعة الله وشكر الفضل الإلهي.
أخرج ابن جرير الطبري عن قتادة بن دعامة السدوسي رحمهالله في قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ) قال : كان هذا الحي من العرب أذلّ الناس ذلّا ، وأشقاه عيشا ، وأجوعه بطونا ، وأعراه جلودا ، وأبينه ضلالا ،