محمد ، سواء بادّعاء القدرة على الإتيان بمثل القرآن ، أو بوصفه بأنه أساطير الأولين أي قصص السابقين المسطورة في الكتب دون تمحيص ولا تثبّت من صحّتها.
التفسير والبيان :
واذكر يا محمد حين قالت قريش : اللهم إن كان هذا القرآن هو الحقّ المنزّل من عندك ، فعاقبنا بإنزال حجارة ترجمنا بها من السّماء ، كما عاقبت أصحاب الفيل ، (أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ) مؤلم سوى ذلك.
وهذا إخبار من الله تعالى عن كفر قريش وعتوّهم وتمرّدهم وعنادهم وادّعائهم الباطل حين سماع آيات الله تتلى عليهم أنهم قالوا كما بيّنا سابقا : لو شئنا لقلنا مثل قولهم : إن القرآن أساطير الأولين ، وإن هذا مقطوع بكذبه واختلاقه ، فلو كان حقّا لأنزل علينا الحجارة أو العذاب الأليم.
ومرادهم إنكار كونه حقّا منزلا من عند الله ، وأنهم لا يتبعونه ، وإن كان هو الحقّ المنزل من عند الله ، بل يفضلون الهلاك ، وأنهم يتهكّمون بقول من يقول : القرآن حقّ ، وهو غاية الجحود والإنكار ، وهو من كثرة جهلهم وشدّة تكذيبهم وعنادهم وعتوّهم ، ومثل من أمثال حماقتهم حين طلبوا تعجيل العذاب ، وتقديم العقوبة ، كقوله تعالى : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ ، وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ ، وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً ، وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [العنكبوت ٢٩ / ٥٣] ، وقوله : (وَقالُوا : رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) [ص ٣٨ / ١٦].
ثم ذكر الله تعالى سبب إمهالهم بالعذاب ، فقال : (وَما كانَ اللهُ ...) أي وما كان من مقتضى سنّة الله ورحمته وحكمته أن يعذّبهم ، والرّسول موجود بينهم ؛ لأنه إنما أرسله رحمة للعالمين لا عذابا ونقمة ، وما عذّب الله أمّة ونبيّها فيها ، قال ابن عباس : لم يعذّب أهل قرية ، حتى يخرج النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منها والمؤمنون ، ويلحقوا بحيث أمروا.