لأن يلي أمره ، إنما يستأهل ولايته من كان برّا تقيّا ، فكيف بالكفرة عبدة الأصنام؟!
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) بأن المتّقين أولياؤه ، فهم الآمنون من عذابه.
ثم بيّن الله تعالى سبب عدم أهليتهم لأن يكونوا أولياء البيت ، وهو أن صلاتهم عند البيت وتقرّبهم وعبادتهم إنما كان تصفيرا وتصفيقا ، لا يحترمون حرمة البيت ولا يعظّمونه حقّ التّعظيم. قال ابن عباس : كانت قريش تطوف بالبيت عراة تصفّر وتصفّق. وقال مجاهد وسعيد بن جبير : كانوا يعارضون النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الطّواف ، ويستهزئون به ، ويصفّرون ، ويخلطون عليه طوافه وصلاته. وروي مثل ذلك عن مقاتل.
فعلى قول ابن عباس : كان المكاء والتّصدية نوع عبادة لهم ، وعلى قول مجاهد ومقاتل وابن جبير : كان إيذاء للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال الرّازي : والأوّل أقرب ؛ لقوله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً).
فذوقوا القتل والأسر يوم بدر ، بسبب كفركم وأفعالكم التي لا يقدم عليها إلا الكفرة. وهذا هو العذاب الذي طلبتموه.
فقه الحياة أو الأحكام :
تضمّنت الآية بيان مدى الحماقة من المشركين ، حين استعجلوا إنزال العذاب ، وبيان كرامة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعظيمه حيث رفع عن الأمّة عذاب الاستئصال بسبب وجوده بينهم ، أو بسبب الاستغفار الحاصل من بعض الناس ، الكفار أو المؤمنين ، قال المدائني عن بعض العلماء : كان رجل من العرب في زمن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مسرفا على نفسه ، لم يكن يتحرّج ؛ فلما أن توفّي النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لبس الصّوف ، ورجع عمّا كان عليه ، وأظهر الدّين والنّسك. فقيل له : لو فعلت هذا والنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيّ لفرح بك. قال : كان لي أمانان ، فمضى واحد وبقي الآخر ؛