٤ ـ لا أثر لقوة البشر وتآمرهم على الإنسان إذا لازمته العناية الإلهية ، فإن بأس فرعون وملأه لم يلحق ضررا بموسى. وانظر إلى هذه المحاورة الحادة ، إذ قال له فرعون : (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) [الإسراء ١٧ / ١٠١] فأجابه موسى بعد تلطف كثير وصبر على الجدال بالباطل : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ ، وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) [الإسراء ١٧ / ١٠٢].
٥ ـ الفرج الإلهي يأتي بعد الشدة ، ونصرة الحق تأتي عند اشتداد الأزمة ، فقد دافع رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه عن موسى ، وحذر فرعون وآله بطش الله ، غير خائف ولا مبال به وبسلطته ، ضاربا الأمثال بالأمم الخالية ، كما جاء في قوله تعالى في سورة غافر : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ : أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ : رَبِّيَ اللهُ ، وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ ...) [٢٨ ـ ٣٥].
٦ ـ إذا فاضت مشاعر الإيمان في النفس ، هانت أمامها كل الصعاب ، فإن السحرة آمنوا برب موسى ، غير مبالين بفرعون وسطوته.
٧ ـ الصبر مفتاح الفرج وحميد العاقبة ، فإن بني إسرائيل صبروا على أذى فرعون بتقتيل الأبناء واستحياء النساء ثم أعقبهم الله الحسنى بما صبروا : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا) [الأعراف ٧ / ١٣٧].
وتعرضوا لهجوم الرومان بقيادة «طيطس» الروماني ، فخربوا بيتهم المقدس وهيكلهم الضخم ، بعد سنة ٧١ م فتركوا فلسطين ثم عادوا إليها بعد وفاة موسى وأسسوا مملكة أريحا ، واحتلوا جهات من الحجاز ، كتيماء ووادي القرى وفدك وخيبر ويثرب ، وبنوا فيها المصانع والحصون ، انتظارا لظهور النبي الذي