ويجعلكم خلفاء في الأرض من بعدهم ، فينظر عملكم الكائن منكم ، حسنه وقبيحه ، وشكر النّعمة وكفرانها ، وسيجازيكم على حسب ما يوجد منكم ، إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ.
وهذا حضّ لهم على العزم على الشكر عند حلول النّعمة ، وزوال النّقمة.
وعبّر بالرّجاء دون الجزم بذلك ، لتفويض المشيئة لله تعالى ، ولئلا يتركوا العمل ويتّكلوا على ذلك. قال سيبويه : عسى : طمع وإشقاق. وقال الزّجاج : وما يطمع الله تعالى فيه فهو واجب.
فقه الحياة أو الأحكام :
لم يختلف واقع التّاريخ في الماضي والحاضر والمستقبل بالنّسبة للأقوياء والضّعفاء ، فإن صاحب القوّة والسّلطة يعتمد على سلطانه وبأسه ، فيشيع بين الناس الرّهبة والذّعر والخوف ، ويعلن الإنذار والتّهديد والوعيد.
المنتفعون من السّلطة لسان حالهم ومقالهم وفعلهم فعل تلك السّلطة ، لذلك حرّض السّادة والأشراف من قوم فرعون على موسى وبني إسرائيل.
وكانت استجابة فرعون الطاغية للتحريض فورية ، فجدّد تنكيله ببني إسرائيل وهو قتل أولادهم بعد الولادة ، وتشديد قبضة السّلطة عليهم ، ليظلّوا مقهورين أذلّاء خائفين خاضعين له.
أمّا موسى فكان فرعون كلما رآه خافه أشدّ الخوف ، لذا لم يتعرّض له ، مع أنّ قومه لم يعرفوا ذلك ، فحملوه على أخذه وحبسه ، ولكنه لم يحبسه لعدم الاهتمام به ، ولعدم خوفه في الظاهر منه.
وأمّا المستضعفون بقيادة موسى فلا أمل لهم إلا بالله ، ولا ملجأ إلا إليه ، لذا طلب موسى من قومه أن يطلبوا العون والتّأييد من الله تعالى ، وأن يتذرّعوا