وأرسل عليهم الجراد ، فأكلت كلّ زروعهم وثمارهم ، ثم أكلت كل شيء ، حتى الأبواب وسقوف البيوت والثياب. ولم يدخل بيوت بني إسرائيل منها شيء ، ففزعوا إلى موسى ، فكشف عنهم بعد سبعة أيام. خرج موسى عليهالسلام إلى الفضاء ، فأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب ، فرجع الجراد إلى النّواحي التي جاء منها ، فقالوا : ما نحن بتاركي ديننا.
فأقاموا شهرا ، فسلّط عليهم القمّل : وهو كبار القراد ، أو السّوس ، فأكل ما أبقاه الجراد ، ولحس الأرض ، أو صغار الذّباب أو البراغيث أو القمل المعروف الذي يلدغ ويمصّ الدّم ، أي أنّه سلّط عليهم بعد الجراد من الآفات الزراعية من صغار الذّر كالدودة ، فأكلت الزّروع واستأصلت كلّ شيء أخضر. ثم فزعوا إلى موسى فكشف عنهم ، ثم عادوا إلى ما كانوا عليه.
فأرسل الله الضّفادع ، فدخلت بيوتهم ، وامتلأت منها آنيتهم وأطعمتهم ، وكان الرجل إذا أراد أن يتكلّم وثبت الضفدع إلى فمه ، وامتلأت منها مضاجعهم فلا يقدرون على الرّقاد ، وكانت تقذف بأنفسها في القدور وهي تغلي ، وفي التنانير وهي تفور ، فشكوا إلى موسى ، وقالوا : ارحمنا هذه المرة ، فما بقي إلا أن نتوب التوبة النصوح ، ولا نعود ، فأخذ عليهم العهود ، ودعا فكشف الله عنهم ، ثم نقضوا العهد.
فأرسل الله عليهم الدّم ، أي تحوّلت مياههم إلى دم ، فكانوا إذا ما استقوا من الأنهار والآبار ، وجدوه دما عبيطا ، فشكوا إلى فرعون ، فقال : إنه قد سحركم ، فكان يجمع بين القبطي والإسرائيلي على إناء واحد ، فيكون ما يلي الإسرائيلي ماء ، وما يلي القبطي دما.
كلّ ذلك آيات مفصّلات أي واضحات بيّنات ظاهرات ، لا يشكل على عاقل أنها من عند الله ، ولا يقدر عليها غيره ، وأنها عبرة ونقمة على كفرهم ، وهي دالّة