الوقت : فهو وقت للشيء قدر فيه عمل أو لم يقدر. (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ) عند ذهابه للجبل للمناجاة (اخْلُفْنِي) كن خليفتي (وَأَصْلِحْ) أمرهم (وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) بموافقتهم على المعاصي.
(وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا) أي للوقت الذي وعدناه للكلام فيه (وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) بلا واسطة كلاما سمعه من كل جهة (لَنْ تَرانِي) لن تقدر على رؤيتي ، والتعبير به دون (لن أرى) يفيد إمكان رؤيته تعالى.
(فَإِنِ اسْتَقَرَّ) ثبت (فَسَوْفَ تَرانِي) أي تثبت لرؤيتي ، وإلا فلا طاقة لك (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ) انكشف وظهر نوره ، قدر نصف أنملة الخنصر ، كما في حديث صححه الحاكم (دَكًّا) مدكوكا مستويا بالأرض (صَعِقاً) مصعوقا مغشيا عليه لهول ما رأى (أَفاقَ) عاد إليه رشده وعقله وفهمه (سُبْحانَكَ) تنزيها لك (تُبْتُ إِلَيْكَ) من سؤال ما لم أؤمر به (أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) في زماني.
(اصْطَفَيْتُكَ) اخترتك (عَلَى النَّاسِ) أهل زمانك (وَبِكَلامِي) أي تكليمي إياك (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ) من الفضل (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) لأنعمي (الْأَلْواحِ) أي ألواح التوراة ، وكانت سبعة أو عشرة ، وهي من سدر الجنة ، أو زبرجد أو زمرّد (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) يحتاج إليه في الدين (وَتَفْصِيلاً) تبيينا (بِقُوَّةٍ) أي يجد وعزيمة واجتهاد (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) فرعون وأتباعه ، وهي مصر ، لتعتبروا بها.
المناسبة :
بعد أن عدد الله تعالى طائفة من النعم على بني إسرائيل ، كإنجائهم من عبودية فرعون ، وجعلهم أمة مستقلة ، ذكر هنا كيفية نزول التوراة على موسى ، التي هي دستور حياتهم ، وتبيان شريعتهم والأحكام التي أمر ربهم بها.
وسبب الآيات : هو ما روي أن موسى عليهالسلام وعد بني إسرائيل وهو بمصر : إن أهلك الله عدوهم ، أتاهم بكتاب من عند الله ، فيه بيان ما يأتون وما يذرون ، فلما هلك فرعون سأل موسى ربه الكتاب ، فهذه الآيات في بيان كيفية نزول التوراة (١).
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٤ / ٢٢٦.