وموضوع الآيات : تحديد موعد لموسى لمكالمة ربه ، واستخلاف هارون على بني إسرائيل في غياب موسى ، وطلب موسى رؤية الله عزوجل ، وإنزال التوراة المتضمنة أصول الشريعة.
التفسير والبيان :
امتن الله على بني إسرائيل بما ظفروا به من الهداية ، بتكليمه موسى عليهالسلام ، وإعطائه التوراة وفيها أحكامهم وتفاصيل شرعهم.
والمعنى : وعد الله تعالى موسى مكالمته ، في تمام ثلاثين ليلة ، وأمره بصومها ، فصامها ، وهي شهر ذي القعدة ، فلما تمت أنكر موسى رائحة فمه ، فاستاك بلحاء شجرة ، فأمره الله تعالى أن يكمل صيام عشرة أيام أخرى من ذي الحجة ، وأن يلقى الله صائما ، فأصبح موعد اللقاء في تمام أربعين ليلة ، ذكرت في سورة البقرة مجملة ، وفصلت هنا.
وإنما قال : (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) إزالة لتوهم أن ذلك العشر من الثلاثين : لأنه يحتمل أتممناها بعشر من الثلاثين ، كأنه كان عشرين ، ثم أتمه بعشر ، فصار ثلاثين ، فأزال هذا الإيهام (١).
روي عن أبي العالية أنه قال في بيان زمان الموعد : يعني ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة ، فمكث على الطور ليلة ، وأنزل عليه التوراة في الألواح ، فقرّبه الرب نجيا ، وكلمه وسمع صريف القلم.
قال ابن كثير : فعلى هذا يكون قد كمل الميقات يوم النحر ، وحصل فيه التكليم لموسى عليهالسلام ، وفيه أكمل الله الدين لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما قال تعالى :
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٤ / ٢٢٦ ، أحكام القرآن للجصاص : ٣ / ٣٤.