قيل : أراد بها مصر ، أي سأريكم ديار القبط ومساكن فرعون خالية منهم.
وقال قتادة : سأريكم منازل الكفار التي سكنوها قبلكم من الجبابرة والعمالقة ليعتبروا بها ؛ يعني الشام وأهل الشام ، أي منازل عاد وثمود والشعوب التي أهلكها الله بسبب الفسق ، وتمرون عليها في أسفاركم. قال ابن كثير : وهذا هو الأولى ؛ لأن هذا كان بعد انفصال موسى وقومه عن بلاد مصر ، وهو خطاب لبني إسرائيل قبل دخولهم التيه.
وإذا كان المراد مصر فإن الله تعالى لما أغرق فرعون ، أوحى إلى البحر أن اقذف بأجسادهم إلى الساحل ، ففعل ؛ فنظر إليهم بنو إسرائيل ، فأراهم هلاك الفاسقين. وهذا رأي أكثر المفسرين.
قال ابن جرير الطبري : وإنما قال : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) كما يقول القائل لمن يخاطبه : سأريك غدا إلى ما يصير إليه حال من خالف أمري ، على وجه التهديد والوعيد لمن عصاه وخالف أمره. أي أن في آية (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) وجهين : إما التهديد الوعيد على مخالفة أمر الله تعالى ، وإما الاعتبار بمن أهلكهم الله ، وهم إما فرعون وجنوده ، وإما منازل عاد وثمود والقرون الذين أهلكهم الله.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ تعظيما لشأن الميقات أو الموعد بتكليم الله أمر الله موسى أن يصوم ثلاثين يوما وأن يعمل فيها ما يقربه إلى الله تعالى ، ثم أنزلت التوراة عليه في العشر البواقي في رأي ، أو أنه أزال خلوف فمه بنهاية صوم الثلاثين يوما وهو شهر ذي القعدة في رأي الكثيرين ، فأمره الله تعالى أن يزيد عليها عشرة أيام من ذي الحجة. فهذا هو فائدة تفصيل الأربعين إلى الثلاثين وإلى العشرة.