وأحكامه ، بالطبع على قلوبهم ، وإلقاء الغفلة على نفوسهم ، وشغلهم بأهوائهم وشهواتهم ، وهم في تركهم تدبر الحق كالغافلين عنه.
إنهم يمنعون في معاداة الأنبياء ، ويكذبون بالآيات المنزلة على الرسل ، وينكرون وجود الآخرة ، ولا يصدقون بكل آية ، ويتركون طريق الرشاد ، ويتبعون سبيل الغي والضلال ، أي يتخذون الكفر دينا.
واحتج أهل السنة بآية (سَأَصْرِفُ) على أنه تعالى قد يمنع عن الإيمان ويصد عنه.
وقالت المعتزلة : لا يمكن حمل الآية على ذلك ، فليس المراد منها صرفهم عن الإيمان بآيات الله ولا خلق الكفر فيهم ؛ لأن قوله : (سَأَصْرِفُ) يتناول المستقبل ، والكفر حدث منهم في الماضي ، مما يدل على أنه ليس المراد من هذا الصرف الكفر بالله ، وإنما المراد العقوبة على التكبر والكفر.
ولأنه لو صرفهم عن الإيمان وصدهم عنه ، فكيف يمكن أن يقول مع ذلك : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)؟ (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ)؟ (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا)؟ [الانشقاق ٨٤ / ٢٠ ، المدثر ٧٤ / ٤٩ ، الإسراء ١٧ / ٩٤] (١).
ودل قوله تعالى : (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) على أن الجزاء من جنس العمل ، فمن آمن وعمل الصالحات فله الجنة ، ومن كفر وعمل السيئات فله النار.
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٥ / ٢ ـ ٣.