وَالْأَرْضَ) وبيان الرسالة وبرهانها في قوله سبحانه : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) أخبر الله تعالى عن البعث وطريق إثباته للرد على المشركين المنكرين له ، وهذا على عادة القرآن كلما ذكر أصلين من أصول الاعتقاد الثلاثة ذكر الأصل الثالث ، وهو هنا الحشر في قوله تعالى : (وَقالُوا : أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ).
التفسير والبيان :
(وَقالُوا : أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ : أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)؟ أي يخبر الله تعالى عن المشركين الذين استبعدوا المعاد حيث قالوا : أءذا صارت أجسامنا ترابا في الأرض ، أيمكن أن نعود خلقا جديدا بعد تلك الحال؟!
وهذا الاستبعاد إنما هو بتقديرهم وقياسهم حيث قاسوا قدرة الله على قدراتهم ، فهم يرون أن البعث بعيد بالنسبة إلى قدراتهم العاجزة ، لا بالنسبة إلى قدرة الإله الخالق الذي بدأهم وخلقهم من العدم ، والذي أمره إذا أراد شيئا أن يقول له : (كُنْ فَيَكُونُ) ولهذا قال تعالى منكرا قياسهم وآراءهم :
(بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) أي إن هؤلاء المشركين لم ينكروا قدرة الله على ما يشاء فحسب ، بل تجاوزوا ذلك إلى إنكار البعث ، فهم جاحدون لقاء ربهم يوم القيامة للحساب والجزاء.
فرد الله عليهم بقوله :
(قُلْ : يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ، ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) أي قل للمشركين يا محمد : إن ملك الموت الموكّل بقبض الأرواح يقبض أرواحكم في الوقت المحدد لانتهاء الأجل ، ثم في نهاية الدنيا بعد الموت ستعودون أحياء كما كنتم قبل الوفاة ، وذلك يوم المعاد وبعد القيام من القبور ، للحساب والجزاء ، فيجازي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته.