وهذا إثبات للبعث مع التهديد والوعيد ، وبيان أن القادر على خلق الناس أول مرة قادر على إحيائهم مرة أخرى.
ثم أخبر الله تعالى عن حال المشركين حين معاينة البعث والحساب يوم القيامة فقال :
(وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ، رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً ، إِنَّا مُوقِنُونَ) أي ولو تشاهد أيها الرسول حين يقوم هؤلاء المشركون بين يدي ربهم خافضي رؤوسهم من الحياء منه والخزي والعار لرأيت عجبا وأمرا فظيعا ، فتراهم يقولون : ربّنا نحن الآن نسمع قولك ونطيع أمرك ، لقد أبصرنا الحشر وسمعنا تصديقك للرسل فيما كذبناهم فيه ، فارجعنا إلى دار الدنيا نعمل ما يرضيك من صالح الاعتقاد والقول والعمل ، فهم يلومون أنفسهم حين دخول النار ، كما أخبر تعالى عنهم : (وَقالُوا : لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) [الملك ٦٧ / ١٠]. قال الزجاج في قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى) : المخاطبة للنبي صلىاللهعليهوسلم مخاطبة لأمته.
وإنا الآن قد أيقنا بوحدانيتك ، واستحقاقك العبادة دون غيرك ، وتحققنا أن وعدك بالبعث حق ولقاءك حق ، وأنك القادر على الإحياء والإماتة.
ولكن الله يعلم أنه لو أعادهم إلى الدنيا ، لكانوا فيها كفارا كما كانوا ، يكذبون بآيات الله ، ويخالفون رسله ، كما قال تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ ، فَقالُوا : يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ، وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ، وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ ، وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) [الأنعام ٦ / ٢٧ ـ ٢٨].
وقال تعالى هنا :
(وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) أي ولو أردنا أن نوفق كل نفس