(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ) لا ملك مقرب ولا نبي مرسل (ما أُخْفِيَ لَهُمْ) خبئ لهم (مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) أي من شيء تقرّ به عيونهم وتسرّ ، يقول النبي صلىاللهعليهوسلم فيما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة : «يقول الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ذخرا ، بله (١) ما أطلعكم عليه ، اقرؤوا إن شئتم : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)».
سبب النزول :
نزول الآية (١٦):
(تَتَجافى جُنُوبُهُمْ) : أخرج البزار عن بلال قال : كنا نجلس في المسجد ، وناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم يصلون بعد المغرب إلى العشاء ، فنزلت هذه الآية : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) لكن في إسناده ضعيف. وذكره الواحدي النيسابوري عن مالك بن دينار قال : سألت أنس بن مالك عن هذه الآية فيمن نزلت ، فقال : كان أناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلون من المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية. وهذا مروي عن قتادة وعكرمة.
وأخرج الترمذي وصححه عن أنس : أن هذه الآية نزلت في انتظاره الصلاة التي تدعى «العتمة» أي العشاء.
وعن معاذ بن جبل عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) قال : هي قيام العبد أول الليل.
وقال الحسن البصري ومجاهد ومالك والأوزاعي : نزلت في المتهجدين الذين يقومون الليل إلى الصلاة.
ويدل على صحة هذا السبب ما أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم ، وابن جرير والحاكم وابن مردويه عن معاذ بن جبل قال : «كنت مع النبي صلىاللهعليهوسلم في سفر (٢) ، فأصبحت يوما قريبا منه ، ونحن نسير ، فقلت : يا نبي
__________________
(١) بله : اسم فعل مبني على الفتح مثل كيف ، ومعناها : دع عنكم ما أطلعكم عليه ، فالذي لم يطلعكم أعظم.
(٢) في غزوة تبوك.