٤ ـ أعلن بنو قريظة بتواطئهم مع الأحزاب من قريش وغطفان نقضهم العهد مع الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فقال لهم الرسول : «نقضتم العهد يا إخوة القرود ، أخزاكم الله ، وأنزل بكم نقمته» وحاصرهم بضعا وعشرين ليلة ، حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فحكم أن تقتل مقاتلتهم ، وتسبى أموالهم وذراريهم. وكان فتح قريظة في آخر ذي القعدة وأول ذي الحجة من السنة الخامسة من الهجرة.
٥ ـ كان تجمع الأحزاب على المدينة وحصارها مثار قلق واضطراب ، ومبعث بلاء وشدة خوف ، فانتابتهم الظنون ، وأظهر المنافقون كثيرا مما يسرّون ، فمنهم من قال : إن بيوتنا عورة ، فلننصرف إليها ، فإنا نخاف عليها ، وممن قال ذلك : أوس بن قيظي. ومنهم من قال : يعدنا محمد أن يفتح كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه يذهب إلى الغائط! وممن قال ذلك : معتّب بن قشير أحد بني عمرو بن عوف.
فأقام المشركون في حصارهم المدينة بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر ، لم يكن بينهم وبين المسلمين إلا الرمي بالنّبل والحصى ، فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه اشتد على المسلمين البلاء ، بعث إلى عيينة بن حصن الفزاري ، وإلى الحارث بن عمرو المرّي ، وهما قائدا غطفان ، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة لينصرفا بمن معهما من غطفان ، ويخذلا قريشا ويرجعا بقومهما عنهم. وكان ذلك مراوضة ولم تكن عقدا. فلما وافقا استشار النبي صلىاللهعليهوسلم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ، فقال له سعد بن معاذ : يا رسول الله ، والله لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان ، لا نعبد الله ولا نعرفه ، وما طمعوا قط أن ينالوا منا ثمرة إلا شراء أو قرى ، فحين أكرمنا الله بالإسلام ، وهدانا له ، وأعزنا بك نعطيهم أموالنا! والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم!! فسرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك ، وقال : «أنتم وذاك».