وقال لعيينة والحارث : «انصرفا فليس لكما عندنا إلا السيف». وتناول سعد الصحيفة ، وليس فيها شهادة ، فمحاها.
٦ ـ اختراق الخندق : اخترق فوارس من قريش الخندق ، منهم عمرو بن ودّ العامري من بني عامر بن لؤي ، وعكرمة بن أبي جهل ، وهبيرة بن أبي وهب ، وضرار بن الخطاب الفهريّ ، حتى صاروا بين الخندق وبين سلع ، وخرج علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين ، حتى أخذوا عليهم الثّغرة التي اقتحموا منها ، وأقبلت الفرسان نحوهم ، فنادى عمرو : من يبارز؟ فبرز له علي بن أبي طالب وقال له : يا عمرو ، إنك عاهدت الله فيما بلغنا أنك لا تدعى إلى إحدى خلّتين إلا أخذت إحداهما؟ قال : نعم. قال : فإني أدعوك إلى الله والإسلام. قال : لا حاجة لي بذلك. قال : فأدعوك إلى البراز. قال : يا ابن أخي ، والله ، ما أحبّ أن أقتلك لما كان بيني وبين أبيك. فقال له علي : أنا والله أحبّ أن أقتلك ، فحمي عمرو ونزل عن فرسه ، فعقره ، وصار نحو علي ، فتنازلا وتجاولا ، حتى رئي علي على صدر عمرو يقطع رأسه ، فلما رأى أصحابه أنه قد قتله علي ، اقتحموا بخيلهم الثّغرة منهزمين هاربين.
ورمي يومئذ سعد بن معاذ ، فقطع منه الأكحل (١) ، ومات شهيدا في غزوة بني قريظة ، وهو الذي قال فيه النبي صلىاللهعليهوسلم : «اهتز لموته عرش الرحمن» يعني سكان العرش من الملائكة فرحوا بقدوم روحه ، واهتزوا له.
٧ ـ مشروعية الخدعة في الحرب ، لما فعل نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي الذي استطاع بدهائه وحيلته بذر بذور الفرقة بين العرب وبين اليهود ، ونجح في خدعته ، كما تقدم بيانه.
٨ ـ الاجتهاد جائز ، سواء أصاب المجتهد أو أخطأ ، فقد أقرّ النبي صلىاللهعليهوسلم كلّا
__________________
(١) الأكحل : عرق في وسط الذراع.