(وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) : أنبت فيها أنواع النّبات بعد يبسها.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (٦٥) : سماع تدبّر وإنصاف.
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً) : دلالة يعبر بها من الجهل إلى العلم.
(نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) : استئناف لبيان العبرة.
وإنّما ذكّر الضّمير ووحّده هاهنا للّفظ ، وأنّثه في سورة المؤمنين للمعنى. فإنّ الأنعام اسم جمع. ولذلك عدّه سيبويه في المفردات المبنيّة على أفعال ، كأخلاق وأكياش (١). ومن قال : إنّه جمع نعم ، جعل الضّمير للبعض ، فإنّ اللّبن لبعضها دون جميعها. أو لواحدة أوّله على المعنى ، فإنّ المراد به الجنس.
وقرأ (٢) نافع وابن عامر وأبو بكر ويعقوب : «نسقيكم» بالفتح ، هاهنا وفي «المؤمنون».
(مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً) : فإنّه يخلق من بعض أجزاء الدّم المتولّد من الأجزاء اللّطيفة الّتي في الفرث ، وهو الأشياء المأكولة المنهضمة بعض الانهضام في الكرش.
وعن ابن عباس (٣) : أنّ البهيمة إذا اعتلفت وانطبخ العلف في كرشها ، كان أسفله فرثا وأوسطه لبنا وأعلاه دما.
قيل (٤) : ولعلّه إن صح ، فالمراد : أنّ أوسطه [يكون] (٥) مادة اللّبن ، وأعلاه مادة الدّم الّذي يغذّي البدن. لأنّهما لا يتكوّنان في الكرش والكبد (٦) ، بل الكبد يجذب صفاوة الطّعام المنهضم في الكرش ويبقى ثفله ، وهو الفرث ، ثمّ يمسكها ريثما يهضمها هضما ثانيا. فيحدث أخلاطا أربعة معها مائيّة ، فتميّز القوّة المميّز تلك المائيّة بما زاد على قدر الحاجة من المرّتين وتدفعها إلى الكلية والمرارة والطّحال. ثمّ يوزع الباقي على الأعضاء بحسبها (٧) ، فيجري إلى كلّ حقّه على ما يليق به بتقدير الحكيم العليم. ثمّ إن كان الحيوان أنثى زاد أخلاطها على قدر غذائها لأستيلاء [البرد والرطوبة على مزاجها
__________________
(١) ب : كأخلاق واكباش.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٠.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٦٠ ـ ٥٦١.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٥٦١.
(٥) من المصدر.
(٦) ليس في المصدر : والكبد.
(٧) المصدر : يحسبها.