ربّهم ترغّبهم فيما عنده فانّ القرآن شافع مشفّع.
(٥٢) وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ يعيدونه على الدّوام يُرِيدُونَ وَجْهَهُ يبتغون مرضاته مخلصين له وقرئ بالغَدْوة ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ جواب النّفي فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ جواب النّهي.
القمّيّ قال : كان سَبَب نزولها أنّه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمّون أصحاب الصّفّة وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أمرهم أن يكونوا في صفّة يأوون إليها وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يتعاهدهم بنفسه وربّما يحمل إليهم ما يأكلون وكانوا يختلفون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فيقرّبهم ويقعد معهم ويؤنسهم وكان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه ينكرون عليه ذلك ويقولون اطردهم عنك فجاء يوماً رجل من الأنصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وعنده رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم من أصحاب الصّفّة قد لزق برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ورسول الله يحدّثه فقعد الأنصاري بالبعد منهما فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : تقدّم فلم يفعل فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : لعلّك خفت أن يلزق فقره بك فقال الأنصاري اطرد هؤلاءِ عنك فأنزل الله وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ الآية.
(٥٣) وَكَذلِكَ مثل ذلك الفتن وهو اختلاف أحوال النّاس في أمور الدّنيا فَتَنَّا ابتلينا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ في أمر الدين فقدمنا هؤلاءِ الضّعفاءِ على أشراف قريش بالسّبق إلى الإِيمان لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أي هؤلاءِ من أنعم الله عليهم بالهداية والتوفيق لما يسعده دوننا ونحن الأكابر والرؤساء وهم المساكين والضعفاء وهو إنكار لأن يخص هؤلاءِ من بينهم باصابة الحقّ والسّبق إلى الخير كقولهم لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ واللام للعاقبة أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ بمن يقع منه الإِيمان والشكر فيوفّقه وبمن لا يقع منه فيخذله.