جرى على لسانه حقّ لم يعقد قلبه عليه وإذا لم يعقد قلبه عليه لم يعطه الله العمل به فإذا اجتمع ذلك عليه حتّى يموت وهو على تلك الحال كان عند الله من المنافقين وصار ما جرى على لسانه من الحقّ الذي لم يعطه الله أن يعقد قلبه عليه ولم يعطه العمل به حجة (١) عليه فاتّقوا الله وسلوه أن يشرح صدوركم للإسلام وان يجعل ألسنتكم تنطق بالحكمة حتّى يتوفّاكم وأنتم على ذلك.
وفي التوحيد والمعاني والعيون عن الرّضا عليه السلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ بإيمانه في الدنيا وإلى جنّته ودار كرامته في الآخرة يَشْرَحْ صَدْرَهُ للتّسليم لله والثّقة به والسّكون إلى ما وعده من ثوابه حتّى يطمئن به إليه وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ عن جنته ودار كرامته في الآخرة لكفره به وعصيانه له في الدّنيا يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً حتّى يشكّ في كفره ويضطرب من اعتقاد قلبه حتّى يصير كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ.
(١٢٦) وَهذا صِراطُ (٢) رَبِّكَ قيل يعني طريقته وعادته في التوفيق والخذلان مُسْتَقِيماً عادلاً مطّرداً لا اعوجاج فيه القمّيّ يعني الطريق الواضح قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ فيعلمون أنّ القادر هو الله وأنّ كلّ ما يحدث من خير أو شرٍّ فهو بقضائه وانّه عليم بأحوال العباد حكيم عدل فيما يفعل بهم.
(١٢٧) لَهُمْ للّذين تذكروا وعرفوا الحق دارُ السَّلامِ دار الله أو دار السّلامَة من كلّ آفة وبليّة.
القمّيّ يعني في الجنّة والسَّلامِ الأمان والعافية والسّرور ويأتي في سورة يونس فيه حديث بالمعنى الأوّل عِنْدَ رَبِّهِمْ في ضمانه يوصلهم إليها لا مجالة وَهُوَ وَلِيُّهُمْ قيل مولاهم ومحبّهم القمّيّ أي أولى بهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ بسَبَب أعمالهم.
__________________
(١) فإن العلم إذا لم يقارن العمل فهو مخاصِم صاحبه.
(٢) وصف الصراط الَّذي هو أدلة الحق بالاستقامة مع اختلاف وجوه الأدلة لأنّها مع اختلافها تؤدي إلى الحق فكأنها طريق واحد لسلامة جميعها من التناقض والفساد.